أخلاق جمع خُلق (على وزن قُفل)، و خُلُق على وزن اُفُق، وعلى حد تعبير الرّاغب في كتابه المفردات، أنّ هاتين الكلمتين ترجعان إلى أصل واحد، و هو «خلق» بمعنى الهيئة والشّكل الذي يراه الإنسان بعينه، والخُلق بمعنى القوى و السّجايا الذاتية للإنسان.
ولذا يمكن القول بأنّ: «الأخلاق هي مجموعة الكمالات المعنويّة و السّجايا الباطنيّة
________________________________________
للإنسان»، و قال بعض العلماء: إنّ الأخلاق أحياناً تُطلق على العمل و السّلوك، الذي ينشأ من الملكات النفسانية للإنسان أيضاً، (فالأولى الأخلاق الصفاتية والثانية السلوكيّة).
ويمكن تعريف الأخلاق من آثارها الخارجيّة أيضاً، حيث يصدر أحياناً من الإنسان فعل إعتباطي ولكن عندما يتكرّر ذلك العمل منه: (مثل البخل وعدم مساعدة الآخرين)، يكون دليلاً على أنّ ذلك الفعل يمدّ جذوره في أعماق روح ذلك الإنسان، تلك الجذور تسمى بالخُلق والأخلاق.
وفي ذلك قال «ابن مِسكَوَيه»، في كتاب «تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق»: إنّ الخُلق هو تلك الحالة النفسانيّة التي تدعو الإنسان، لأفعال لا تحتاج إلى تفكّر و تدبّر»(1).
وهو نفس ما إشار إليه المرحوم الفيض الكاشاني في كتاب «الحقائق»، حيث يقول: «إعلم أنّ الخُلق هو عبارة عن هيئة قائمة في النفس، تصدر منها الأفعال بسهولة من دون الحاجة إلى تدبّر وتفكّر»(2).
وعليه قسمّوا الأخلاق إلى قسمين: الملكات التي تنبع منها الأعمال و السّلوكيات الحسنة وتسمى «الفضائل»، واُخرى تكون مصدراً للأعمال والسلوكيات السّيئة و تسمى الرذائل.
ومن هنا يمكن أن نعرّف علم الأخلاق بأنّه: «علمً يُبحَث فيه عن المَلكات و الصّفات الحسنة والسيئة وآثارها وجذورها».
وبعبارة اُخرى: «علمٌ يُبحَث فيه عن اُسس إكتساب هذهِ الصفات الحسنة، و طُرق محاربة الصّفات السّيئة، و آثارها على الفرد والمجتمع».
طبعاً وكما ذكرنا سابقاً، يُطلق على الأعمال و الأفعال النّابعة من هذهِ الصفات أحياناً «الأخلاق»، فمثلا الشّخص الذي يعيش في حالة من الغضب والحدّة دائماً، يقال عنه بأنّه ذو أخلاق رديئة، وبالعكس عندما يكون الشّخص كريماً، فيقولون أنّ الشّخص الفلاني يتحلى بأخلاق طيِّبة، وفي الحقيقة أن هذين الإثنين هما عِلّة ومعلول للآخر، بحيث، يطلق إسم أحداهما على الآخر.
________________________________________
وعرّف بعض الغربيين الأخلاق بما يُوافق تعاريفنا لها، فمثلا في كتاب: «فلسفة الأخلاق»، لشخص يدعى (جكسون)، و هو أحد فلاسفة الغرب، عرّف الأخلاق فيه بقوله: (علمُ الأخلاق عبارةٌ عن التّحقيق في سلوك الإنسان على الصورة التي ينبغي أن يكون عليها)(1).
وللبعض مثل «فولكيه»، رأي آخر في المسألة، حيث عرّفوا علم الأخلاق بأنّه: (مجموعة قوانين السّلوك التي يستطيع الإنسان بواسطتها أن يصل إلى هدفه)(2).
هذا هو كلام اُناس لا يعيرون للقيم الإنسانيّة أهميّة، والمهم عندهم الوصول إلى الهدف كيفما كان وكيفما إتّفق، إذ الأخلاق عندهم ليست إلاّ وسيلةً تُمكّن الإنسان من الوصول إلى الهدف!.
—–